سعيا إلى إحاطة القراء والمواطنين بما يجري داخل بلدهم، وما تقوم به حكومتهم أجرينا في عددنا الصادر اليوم من مجلة المسار هذه المقابلة الحافلة بمعلومات كثيرة مع معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال الدكتور سيدي ولد سالم..
وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الاتصال والاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور سيدي ولد سالم لمجلة المسار:
حققنا تقدمات كثيرة محط إعجاب العالم وإشادتهفتح لنا خلال فترتنا 400 اعتماد مالي لصالح الدكاترةنعمل على إنشاء جامعة جديدة بغلاف مالي قدره 30 مليار أوقية قادرة على استيعاب 10 آلاف طالب

تاريخ الميلاد :1963
محل الميلاد : افديرك
الحالة العائلية :متزوج وأب لثلاثة أبناء
الوظائف
- وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة منذ تشكيل أول حكومة بعد انتخاب رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني 2019 وهي نفس الوزارة التي كان يدير منذ خمس سنوات.
- وزير المالية في الحكومة الانتقالية يونيو – أغشت 2009
- مدير عام شركة سوكوجيم من 21 سبتمبر 2005 حتى 05 فبراير 2009
- أستاذ الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات في جامعة نواكشوط منذ 1996
-1998 منسق وحدة الفيزياء الأساسية بالتعليم الثانوي وعضو في اللجنة التربوية المكلفة بوضع برامج التعليم.
الشهادات:
1991 – 1995 رسالة لنيل الدكتوراه في علوم المعدات جامعة ليون – فرنسا
- 1990 – 1991 دبلوم الدراسات المعمقة في العلوم جامعة ليون 1 – فرنسا
- 1988 – 1989 متريز في الفيزياء والتطبيقات من جامعة بورغون – ديجون – فرنسا
- 1987 – 1989 لصانص في الفيزياء
- 1986 – 1987 دبلوم الدراسات الجامعية العامة – جامعة ديجون
- 1983 – 1984 الثانوية العامة شعبة العلوم ثانوية روصو.
التكوينات:
العديد من المهمات البحثية ما بين 1999 و 2004 في مجالات البيئة والتنمية والعلوم والفيزياء.
المؤلفات :
-عدد من المؤلفات والبحوث والدراسات في مجال التخصص (الفيزياء – العلوم – البيئة- التنمية – محاربة الفقر وغيرها) ، إضافة إلى العديد من الاستشارات على المستوى الوطني والدولي.
اللغات:
الفرنسية والعربية والانجليزية
المسار: هل يمكن أن تقدموا لنا حصيلة لعملكم على رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حتى الآن؟ الدكتور سيدي ولد سالم: أشكر مجلة المسار ومؤسسة الأمل الجديد على اهتمامها بهذا الموضوع الهام، موضوع التهذيب الوطني الذي يمثل التعليم العالي الحلقة الأخيرة منه.لقد شهدت موريتانيا خلال السنوات الخمس الأخيرة طفرة حقيقية في هذا المجال بشهادة العالم، فقد اتصلت بي اليوم بعض الهيئات الدولية طالبة إجراء مقابلات للحديث لها عن التجربة الموريتانية في محاورها المختلفة التي سنتحدث عنها هنا.أولا عندما قدمت إلى هذه الوزارة وجدت هذه المنظومة التي تسمى منظومة التعليم العالي مبعثرة من كل النواحي، فمن الناحية المؤسسية كانت هناك جامعتان كانتا ستنتقلان إلى نفس المركب الجامعي، بحيث لن يفصل بينهما إلا حائط، وكانت في كل منهما كليتان، وهذا لا يعقل أنه يوجد في أي مؤسسة جامعية في العالم، فالجامعات في العالم عادة ما تكون فيها عشرون أو أربعون أو حتى مائة مؤسسة تعليمية، جامعة الشيخ آنتا اديوب بالسينغال مثلا تضم كل مؤسسات التعليم العالي في البلاد، وجامعة محمد الخامس تتبع لها بضع وأربعين مؤسسة، وذلك لكي يكون هناك انسجام في المنظومة التعليمية.. إضافة إلى ذلك كانت هناك ثلاث مدارس للمهندسين، كما كان القطاع مبعثرا بين خمس قطاعات وزارية: وزارة الدفاع تتبع لها مدرسة، ووزارة المعادن تتبع لها مدرسة، ووزارة التكوين المهني تتبع لها مدرسة، ووزارة الشؤون الإسلامية تتبع لها مدرسة، ووزارة التعليم العالي، إذن وجدنا القطاع مبعثرا وحكامته مبعثرة ليست لها مقاييس موحدة ناظمة، فبدأنا في تنظيمها، فجمعنا الجامعتين في جامعة واحدة، تؤوي اليوم نحو 20 ألف طالب، لاحظ أنه في السينغال جامعة الشيخ أنتا اديوب تضم 76 ألف طالب، وفي المغرب جامعة محمد الخامس تضم 120 ألف طالب، كما أنه على مستوى العالم أقل ما تضم الجامعة عادة أربع مؤسسات، وهذا ما حققناه الآن بهذا الجمع.. إضافة إلى ذلك شرعنا في تنظيم الحكامة، فالتهذيب في العالم كله يحتاج إلى مقاييس وإلى هيكلة، وهو يتجه نحو توحيد بنيته، لأن تقارب الشهادات والاعتراف المتبادل بها يفرض على العالم اعتماد مناهج شبه متقاربة، فالطالب المتخرج من جامعة انواكشوط بالليصانص في المعلوماتية مثلا يجب أن يكون حاصلا على نفس المستوى الذي عند طالب متخرج من السينغال أو تونس أو المغرب أو الصين، وإلا لم يكن لدراسته معنى، وهذا لا يمكنه أن يقع إلا إذا تبنينا نفس المبادئ ونفس النظم ونفس المعايير..المسار: مسألة الحكامة هذه هل يمكن توضيحها أكثر؟ الدكتور سيدي ولد سالم: عندما وصلنا إلى الوزارة 2015 لم تكن لدى الوزارة أي معايير ولا مؤشرات، فأخذنا في إنشاء لوحة تحكم تحتوي على كافة المؤشرات وفق المعايير العالمية التي تطبق من قبل اليونسكو، فاليونسكو لديها مجموعة واسعة من المؤشرات التي تعتمد في مجال التعليم العالي والتعليم ككل، وتقوم كل دولة بإنشاء لوحة تحكم تتابع من خلالها المؤشرات التي تحتاجها لتطوير تعليمها، ولم تكن لوحة التحكم هذه موجودة في موريتانيا من قبل. لذلك قمنا بإنشائها من خلال مرسوم حكومي اعتمدنا فيه 96 مؤشرا تضم من بين ما تضم أبجديات مؤشرات التعليم كالنسبة الخام للتمدرس، وتعني كم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و28 سنة موجود في مؤسسات التعليم العالي بالنسبة لعدد الشباب الموريتاني المعروف لدى مصالح الإحصاء. كم من هؤلاء مسجل لدينا نحن؟ تقريبا 20 ألفا أي نحو 10% أو 11%، وهذا المستوى تقريبا يناهز مستوى الدول في غرب إفريقيا، بينما هذه النسبة في المغرب وتونس والجزائر أكثر ارتفاعا، إذن لدينا 90% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و28 سنة لا يوجدون في المؤسسات التعليمية أين هم؟ هل هم في الشارع؟ هل هم في العمل؟ تلك مسألة أخرى.. وكالنسبة الصافية للتمدرس، وهذه تعني قصر التمدرس في التعليم العالي على من أعمارهم تتراوح بين 18 سنة و28 سنة دون الطلاب الأكبر سنا لأن مكان هؤلاء الطبيعي ليس هنا كما تقتضي المعايير الدولية. وإذا نظرنا إلى نسبة التمدرس الصافية هذه في التعليم العالي في بلادنا فإننا سنسقط إلى ما تحت 1% لأن أكثرية طلابنا يحصلون على الباكلوريا متأخرين.نحن الآن ننشر منذ 2015 دليلا إحصائيا سنويا بالعربية والفرنسية والانجليزية وننشر لوحة تحكم تتضمن جميع المؤشرات المذكورة، وهذا سمح لنا بتكوين منظومة إحصائية نتابع تطوراتها بالأرقام، أذكر أني في سنتي الأولى كنت إذا حضرت مؤتمرا للأليسكو أو الآسيسكو، كانوا إذا وصلوا إلى موريتانيا يكتبون شرطة ويقولون المعطيات غير متوفرة. لماذا غير متوفرة؟! هذه المؤشرات تمس إذن طاقم الولوج، لكنها تمس أيضا ما يسمى بالفعالية الداخلية للمنظومة، أي أننا إذا سجلنا هذه السنة مائة شخص في شعبة معينة فكم منها سيحصل على الليصانص ؟ تتضح فعالية المنظومة إذا كانت 90% منها ستحصل على هذه الشهادة في السنوات الثلاث المحددة لها، أما إذا كانت لن تحصل عليها إلا خلال ست سنوات فهذا يعني أن فعالية المنظومة مقسومة على 2. وهذا يشير إلى أن كلفة كل طالب ستتضاعف.هذه المؤشرات أظهرت لنا عندما أجرينا دراسة على خريجي سنة 2015 أن بعض الحاصلين على الليصانص بعضهم أمضوا 16 أو 17 أو حتى 18 سنة بدلا من ثلاث سنوات كي يحصلوا هذه الشهادة. هل هذه جامعة أو سوق؟. هذه حقائق إحصائية واضحة، وتدل على أنه لم تكن هناك حكامة بيداغوجية، وهذا اليوم قد انتهى، فالليصانص مدتها ثلاث سنوات يمكنك أن ترسب خلالها مرة فتعيد سنة رابعة ولك الحق في سنة خامسة، أما السنة السادسة فلا بد لك فيها من إذن خاص، وكل من أمضى ست سنوات في هذه المرحلة يجب أن يغادر ويترك مكانه للجيل القادم.أما بالنسبة للمدرسين في التعليم العالي فيجب كما هو في جميع دول العالم أن تكون لديهم شهادة دكتوراه، وإذا قلت شهادة دكتوراه فأعني عين شهادة الدكتوراه لا شهادة معادلة، فشهادة المعادلة لا تمنحك القدرات التي تسمح لك بتحمل أمانة التدريس في الجامعة، يأتيك الكثير من الناس ويقول لك أنا عندي شهادة عليا ويجب أن أدمج في التعليم العالي أو أذهب إلى العدالة. التعليم العالي ليس إدارة يترقى فيها حسب السلم الإداري. التعليم العالي سلك والولوج إليه له شروط معينة، ومن هذه الشروط الدكتوراه، ومنها كذلك أن تكون هناك حاجة إليها، قد تكون لديك دكتوراه في الموسيقى مثلا لكننا نحن لا ندرس الموسيقى فكيف سندمجك؟ في السابق وقع شيء من هذا القبيل، ودخل البعض التعليم العالي بقرارات إدارية أو عدلية، بعضهم دخلوا إلى التعليم العالي بفضل شهادات حصلوا عليها من منظمات غير حكومية بعد 45 يوما قضوها معها، وبعضهم دخلوا بفضل شهادات مزورة لا أصل لها قمنا بتحويل ملفهم إلى العدالة، وما زالوا يرفضون المثول أمامها لإعطاء توكيل للتحقق من شهاداتهم لدى جامعاتهم، ويتذرعون بأعذار شتى كوجودهم في الخارج أو غير ذلك، وهذا النوع من الناس إذا دخلت عليه عقر داره أو أردت أن تفسد عليه أمورًا اكتسبها منذ 20 سنة بوجه غير حق فسيفتح عليك أبواب جهنم، لكن إذا كنت صادقا في مهامك الإصلاحية وتعتبرها جهادا في مصلحة البلد ومصلحة الحق فإنك لن تخشى في الحق لومة لائم. في 2006 صدر قانون ينظم التعليم العالي ينص على أن الولوج إليه يتطلب الحصول على الدكتوراه، ونحن ملتزمون بالقانون لأن ما سواه مدمر لجودة التعليم. وقد حققنا في إطار ولوج الدكاترة للتعليم العالي تحسنا كبيرا حيث فتح لنا خلال السنوات الخمس الأخيرة 400 اعتماد مالي لصالح الدكاترة، وهذا الاكتتاب الجاري الآن يضم نحو 200 مقعد، 20 مقعد لمدرسة بوليتيكنيك والمعاهد التابعة لها، و181 للمؤسسات الجامعية والمؤسسات الأخرى.المسار: وماذا بالنسبة للبرامج والمسؤولين الجامعيين؟الدكتور سيدي ولد سالم: على مستوى البرامج وقع أيضا تحسن حيث تم استحداث هيئة الاعتماد المعنية باعتمادها، وهذه الهيئة هي المجلس الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي الذي كان معطلا منذ خمس سنوات أي منذ صدور قانونه 2010 وقمنا بتفعيله، وهو اليوم هو المسؤول عن اعتماد برامج أي شعبة مفتوحة في البلد، سواء في المؤسسات العمومية أو في المؤسسات الخصوصية، وأصبح اعتماد البرنامج شرطا في اعتماد الشهادة.من جهة أخرى قمنا بزيادة العبء التدريسي للأساتذة من 6 ساعات إلى 8 ساعات أسبوعيا لأن البحث العلمي الذي هو مبرر تقليص العبء التدريسي غير موجود..وبالنسبة للمسؤولين الجامعيين فقد وجدنا العمداء ينتخبون في إطار ما يسمونه بدمقرطة الجامعة، وتحول الأمر إلى صراع قبلي تشارك فيه بعض الأحزاب السياسية وتتحزب له بعض الأسر، فصار ينتخب لنا عميد بلا مستوى. طبعا هناك دول لديهم هذا المستوى من التعاطي الديموقراطي ويمكن لمنظومتهم أن تتحمله، لكن في بلد كبلدنا عندما تتدخل القبائل واللوبيات لإنجاح شخص فمعناه أننا فقدنا الجودة، فقمنا بالرجوع عن ذلك النظام، وأصبح العميد كالوزير وكرئيس الجامعة يعين فيقوم بمهامه أو تقوم الدولة بإعفائه، وهكذا تحسنت المنظومة لأن العميد أصبح يدرك أنه محاسب إذا تغيب أستاذ أمكنه أن يعاقبه لأنه غير خائف من عدم انتخابه له في المرة المقبلة، قبل ذلك كنا نتصل بالأستاذ في فترة الامتحانات في شأن موضوع أو تصحيح فيقول لنا أنا الآن في الصين ولن أعود إلا الأسبوع المقبل، ففد سافر دون إذن، ولذلك تم اتخاذ القرار بأن من تغيب يوما خصم 1 على 30 من راتبه، وهكذا تحسن حضور الأساتذة، كما تحسن مستوى وأداء من يقودونهم بعدما طبقنا معايير الحكامة في مجال الولوج للمسؤوليات على أساس كفاءات الناس وقدراتها واندماجها في مهمتها، وخروجها عن التخندق، لا شك أنكم تابعتم تعيين رئيس الجامعة الجديد الذي استقبلته ساحة التعليم العالي بجدارة لأنه شخص يتمتع بالخبرة والقيادة وكان عميد كلية، هذا الرئيس لم يختر على أساس أي معيار ضيق، وكذلك نوابه واحد منهم كان مديرا للتعليم العالي وواحد منهم كان عميدا لإحدى الكليات وصعد بذلك نواب العمداء كعمداء، منهم واحد من حزب التكتل، قالوا إني عينت عضوا في حزب التكتل يقصدون محمد سعيد ولد سيديا، أنا لا أجد مشكلة في تعيين أحد من التكتل مادام كفؤا. هذه هي الحقيقة، ليس في هؤلاء أحد من مدينتي الزويرات ولا من قبيلتي ولاجهتي.من جهة ثانية أنا لما جئت وجدت أمامي منظومة فيها 27 نقابة طلابية، كل مجموعة سياسية وكل لوبي من الأساتذة لديه مجموعة يحركها، اليوم تم القضاء على هذا نهائيا لأنه منذ 5 سنوات لم يدخل إلى هنا أي طالب نقابي، الطالب عليه أن يطرح قضاياه في مجالات تحسين ظروفه على رئيس القسم أو عميد الكلية أو رئيس الجامعة، فلماذا يتجاوزهم إلى الوزير؟ في أي دولة في العالم يوجد هذا؟ طبعا هذه الحلقة من الطلاب التي هي حلقة المراهقة من السهل تحريكها، لذلك لا أحد كان يتحدث طيلة الفترة السابقة عن مشاكل كمشاكل التعليم الابتدائي مثلا لأن التلاميذ الابتدائية صغار وليسوا الحلقة المهمة إعلاميا أو سياسيا للتحريك.المسار: ما هي المقاربة التي أنشأتم على وفقها مدرسة المهندسين؟ وماذا حققتم في المحور الأهم لدى الموريتانيين أعني محور العلوم البحتة والتقنية؟الدكتور سيدي ولد سالم: هذا المحور أي محور العلوم التقنية والتكنولوجيا والهندسة تحققت فيه حقيقة نجاحات باهرة. في السابق كانت لدى البلد فيه ثلاث مدارس لكل منها ميزانية ومجلس إدارة، ولا تستوعب إلا زهاء 100 طالب، (المدارس الثلاث كانت تضم نحو 350 طالبا)، وكانت كل مدرسة منها تدرس 5 سنوات، فقمنا بدمج هذه المدارس الثلاث في مدرسة واحدة من 6 شعب، وقمنا بتقسيم المدرسة إلى أقسام تحضيرية لمدة سنتين التعليم فيها مشترك بعدهما ثلاث سنوات لكل شعبة، مما يعني ربح 6 سنوات مالية. وقد أنشأنا هذه الأقسام التحضيرية وفق مقاربة منهجية تجمعنا بالدول التي نتعاطى معها. فهذه الأقسام التحضيرية نموذج فرنسي شائع مطبق في المغرب وتونس وفي كثير من الدول الإفريقية وهو الذي يسمح لك ويؤهلك للمشاركة في مسابقات المدارس الكبرى في فرنسا. طبعا تطبيقه كان يحتاج إلى أساتذة مبرزين غير موجودين في موريتانيا، وسلكهم أصلا من الأساس لم يكن موجودا فقمت باستحداث سلك للأساتذة المبرزين في القانون المتعلق بالتهذيب الوطني، ووقعنا اتفاقية مع المغرب أعطتنا بموجبها 20 مقعدا سنويا لتكوين الأساتذة المبرزين. اليوم تخرج لي منهم حتى الآن 6 مبرزين في الرياضيات، و1 مبرز في الفيزياء، و1 مبرز في الفرنسية، و1 مبرز في علوم الهندسة، ووقعنا اتفاقية مع تونس زودتنا بموجبها بأساتذة مبرزين كما ساعدنا التعاون الفرنسي أيضا، وهذه التجربة مكنتنا من استيعاب 120 طالبا من الحاصلين على الباكلوريا شعبة الرياضيات في هذه الأقسام التحضيرية يتلقون تحضيرا جيدا خلال السنة الأولى والثانية، والمتفوقون من هذا القسم -وهو الذي نسميه القسم النجمي- هم الذين يشاركون في المسابقات الدولية وينجحون متفوقين بنسبة 100%، لماذا؟ لأن كل الظروف التي تهيؤ لمثلهم في العالم من سكن وتغذية ورعاية تهيؤ لهم هنا، إضافة إلى تلقيهم تدريسا نوعيا في اللغات والمعلوماتية والرياضيات والفيزياء، وبهذا يتفوقون في كل المسابقات الدولية، هذا التفوق الذي بهر حقيقة العالم. اليوم بولي تيكنيك التي هي أعلى مدرسة في باريس تضم 16 طالبا موريتانيا من بينهم بنت ناجحة من هنا من موريتانيا، بينما في الستين سنة الماضية لم يدخلها 3 طلاب موريتانيين. قد يقولون لك ناجحو الباكلوريا في الرياضيات لم يعودوا يحصلون على منح لماذا؟ لأن الهدف من بناء منظومة تعليمية وطنية رفيعة المستوى هو الاستغناء عن ابتعاث الطلاب إلى الخارج، بحيث نوقف نزيف العملة الصعبة التي كنا ننفقها في هذا المجال، ونوقف انحراف شبابنا، ونوقف انعدام منظومة قادرة على امتصاص الخريجين الذين سيتخرجون لنا، هذه المنظومة التي بنينا واستقدمنا لها الأساتذة المبرزين ستمكننا بدلا من منح 20 طالبا في الطب مثلا من تكوين 200 طالب في بلادنا.انظر إلى ما كنا نحصل عليه من منح في المدارس التحضيرية، كان عندنا 14 مقعدا في المغرب و12 مقعدا في تونس، هذه 26 مقعدا، كم كان ينجح منها؟ صفر. حتى المدارس الأخرى لا ينحح طلابنا فيها، لماذا؟ لأنهم ليسوا في ظروف مواتية، بينما هنا في بلدهم وضعناهم في ظروف حقيقية تمكنهم من النجاح والتفوق، هذا النجاح والتفوق الذي يجب أن يستمرا ويتوسعا حتى يكون لدينا من الأساتذة المبرزين ما نضخه في المدارس والثانويات الأخرى العمومية والخصوصية كي ينهضوا بالتعليم في البلد.ثم هذه المدرسة التي أنشأنا للمهندسين أتبعنا لها معاهد تقنية، لأن المهندس كالطبيب يحتاج إلى أعمال تكون من حوله كالمخدر والمنعش والممرض، كذلك المهندس يحتاج إلى تقنيين من حوله، وهكذا أصبح لدينا اليوم معهد لأشغال البناء في ألاگ (التصميم والبناء والترميم والرقابة) يمنح شهادة ليصانص مهنية في مجال البناء، ولدينا المعهد العالي لأشغال المعادن في الزويرات أقمناه بالشراكة مع اسنيم، ولدينا معهد الإحصاء الذي افتتحناه السنة الماضية بالتعاون مع المكتب الوطني للإحصاء بدعم من البنك الدولي ويقوده خبير دولي من الكاميرون، ولدينا معهد الطاقات المتجددة الذي سيفتح هذه السنة، كما أنه لدينا في إطار سلك المهندسين قسم المعادن والبترول والغاز، وقسم الميكانيكا، وقسم الالكترونيات، وقسم المعلوماتية والاتصالات، وقسم الهندسة المدنية. هذا يعني أنه صارت لدينا بنية نبني عليها، اليوم.لقد كان من المفروض أن يتخرج طلابنا ال58 الذين في السنة الثالثة في اكتوبر من هذه السنة، فوزعناهم على ثلاث دول هي المغرب وتونس وفرنسا، وزدناهم سنة لكي يحصلوا على شهادات من مدارس تلك الدول إضافة إلى شهادات مدرستنا، هذا لأننا نحن ناشؤون ولا يحسن بنا أن نعطي شهادات حتى تكون شهاداتنا مزكاة من مدارس أخرى لها تجربة أطول، لذلك بنينا هذه الشراكة معهم حتى نحصل على مسلسل اعتماد من لجنة الاعتمادات الفرنسية للمهندسين (CTI) المعترف باعتمادها على مختلف المستويات الفرنسي والأوروبي والدولي، هذا الاعتماد الذي يفرض علينا تبني قدر من المعايير واحترام مستوى من الانضباط يحتم علينا أن تكون لدينا جودة، فالمسألة لا يمكن أن تكون فوضى. وقد حققنا نجاحات هامة في مجالها وفي غيره وسنواصل. ولكي نحقق هذه النجاحات قمنا بإنجاز أكثر من 80 نصا بين مرسوم ومقرر لتنظيم هذا العمل.المسار: كيف تسير وزارتكم توجيهات الطلاب ومنح الناجحين في الباكلوريا؟ الدكتور سيدي ولد سالم: هذا أيضا جانب إصلاحي مهم قمنا به، توجيه الطلاب اليوم يتم عبر منصة معلوماتية يدخل فيها الطالب رقمه للباكلوريا ورقم بطاقة تعريفه، فتعرض له المنصة المجالات المفتوحة أمامه، فيكتب فيها خياراته على التوالي، ويتم ترتيب الطلاب بحسب معدلاتهم التوجيهية، فيبدأ بالأول فيعطى التوجيه التي يريد إذا كان متوفرا، ولا يتم النظر في توجيه الطالب الذي يليه في الرتبة حتى يجد هو خياره المتاح بكل شفافية. منذ 5 سنوات لا يمكن لأي أحد أن يأتيني بمثال على طالب تم ظلمه بخصوص التوجيه. والمنح نفس الشيء، فلها مقرر ينظم ترتيب وتتقيط المجالات المهمة عند الدولة وكل مستوى له تنقيط يقام به كل سنة من طرف اللجنة الوطنية للمنح الثانية، ويرتب الطلاب على أساسه ولا يمكن أن تجد في عملها أي تجاوز، لذلك هذان الموضوعان لا تسمع فيهما الآن أي كلام.المسار: معالي الوزير بالمقابل نسمع كثيرا من الكلام يقال بخصوص سن الطلاب؟الدكتور سيدي ولد سالم: هذا الموضوع أحب أن أوضح فيه بعض الأشياء، التعليم كما قلت سابقا له معايير عالمية: التعليم الابتدائي بين 5 سنوات و11 سنة، هذا معيار عالمي، والتعليم الإعدادي والثانوي بين 11 سنة و18 سنة، هل من المسموح به اليوم في موريتانيا قيام تلميذ لديه 15 سنة بالتسجيل في الابتدائية؟ لا، لماذا؟ لأن علم التربية وعلم النفس لا يسمحان بأن يجلس هذا التلميذ الذي بلغ 15 سنة إلى جانب طفل عنده 7 سنوات أو 8 سنوات. الثانوية التي هي من 11 سنة إلى 18 سنة هل توجد أي دولة في العالم تقبل شخصا لديه 25 سنة في الثانوية؟ لا توجد، لماذا لا يكون نفس الشيء معمولا به في التعليم العالي؟ انفصال الوزارات جعل الوزارة المكلفة بالتعليم الثانوي هي التي تنظم الباكلوريا بينما الباكلوريا يجب أن تنظمها وزارة التعليم العالي لأن الطالب ذاهب إليها وهذا لم يقع عندما وقع الانفصال، أو يجب أن يكون تنظيمها مشتركا بين الوزارتين حتى يكون هناك تحكم في الكم وفي الكيف. سأعطيك مثالا في هذه السنة 2020 ترشحت 49 ألفا 16 ألفا منها تلامذة في القطاع العمومي و16 ألفا تلامذة في القطاع الخاص و16 ألفا مترشحين أحرار من أين قدم هؤلاء؟القانون يقول إنه لا يحق الترشح للباكلوريا إلا لتلميذ في السنة السابعة من مدرسة عمومية أو خصوصية أو تلميذ أجرى الامتحان المسمى بالامتحان التمهيدي، هل سمعت أن هذه ال16 ألفا خضعت للامتحان التمهيدي في موريتانيا؟ من أين جاءت هذه ال16 ألفا؟ ربما كانت قد طردت من الابتدائية وربما لم يسبق لها التمدرس أبدا، مثل هذه النسبة (16 ألفا) هو ما يدمر نسبة النجاح في الباكلوريا، نحن نجحت لنا 7 آلاف من 49 ألفا، فلو كانت 7 آلاف من 32 ألفا لكانت النسبة أفضل بكثير. من جهة ثانية كيف يعقل أن أعمار الناجحين هذه السنة بين 13 سنة أو 14 سنة وبضع وأربعين سنة؟ كيف لمن عمره 13 سنة أن يجري امتحان الباكلوريا؟ في أي دولة يمكن لمن عنده 13 أو 14 سنة أن يترشح للباكلوريا؟ السينغال لا يمكنها أن تقبل ترشحه وتونس كذلك، لأن سن الجامعة 18 سنة، ويمكنهم أن يسمحوا لصاحب 17 سنة عن طريق إذن خاص لكن لا أقل من ذلك، الطب تحت 18 سنة التسجيل فيه في السينغال ممنوع وفوق 20 سنة ممنوع، في المغرب فوق 21 سنة لا يقبلونه، في السعودية من حصل على الباكلوريا وهو فوق 20 سنة لا يسمح له بدخول الجامعة، بل يتحول إلى تعليم الكبار رغم أن عمره فقط 20 سنة، والسعودية تملك الإمكانيات لكن المنظومة التعليمية لديها لها معايير ككل الدول. في الشعب الأخرى في المغرب فوق 23 سنة لا يمكنك التسجيل في الجامعة بل مكانك في التكوين المهني، إذ في كل الدول في العالم التكوين المهني هو الحاضنة لكل التسربات المدرسية، هيكلة التعليم قائمة على التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي والتعليم الجامعي، كل مراحلها يواكبها التعليم المهني، وهذه المنظومة بهذه الطريقة هي التي تضمن بها الدول الجودة في مجال التعليم. نحن هذا العام نجحت لنا 7 آلاف، وفي السنة الماضية كانت لدينا 20 طالب، 7 آلاف ثلث 20 ألف، أين سنجعل هذه ال7 آلاف علما أن 5 آلاف منها من شعبة العلوم وحدها.. هذه إشكالات هيكلية وتنظيمية يجب أن نفكر في حل لها، ويجب أن تكون الباكلوريا منظمة بطريقة مزدوجة بين القطاعين ويجب الإبقاء على القيود التي كانت موضوعة على الكم، كانت هناك قديما مواد إقصائية، وكان من عنده معدل 10 ينجح، ويتجاوز إلى الدورة من عنده ما بين 9 و10، وهذا يجب أن يعود حتى لا يتجاوز إلا من يتوفر على الكفاءة التي تؤهله للمواصلة.المسار: نأتي إلى حقل البحث العلمي الذي هو أحد حقول وزارتكم. هل حققتم فيه شيئا؟الدكتور سيدي ولد سالم: حقل البحث العلمي هذا الحقل وجدناه غير موجود إطلاقا، بلا تنظيم ولا حكامة، ولا أهداف ولا تمويل، لا على مستوى الجامعات ولا على مستوى الوزارة، فقمنا بصياغة استيراتيجية له، وتم إنشاء مجلس أعلى للبحث العلمي يترأسه الوزير الأول، هو الذي يرجع إليه تحديد المحاور التي تحظى بالأولوية التي ينبغي أن يتوجه إليها الدعم في مجال البحث العلمي، كما تم إصدار مرسوم حكومي يحدد هياكل البحث العلمي وحداته ومكوناته ومن يمكنه أن ينرأسه ومن هم أعضاؤه، وأنجز مرسوم ينظم المنظمات العلمية، ومرسوم ينظم المجلات العلمية، ومرسوم ينظم نظام الأل أم دي وينظم مدارس الدكتوراه، وأنجز مرسوم أنشأ الوكالة الوطنية للبحث العلمي التي انطلقت هذه السنة، وأنشئ صندوق للبحث العلمي ضخت فيه 350 مليون هذه السنة. باختصار البحث العلمي أنجزت له هيكلة وحكامة ورصد له التمويل، وهذه من الأمور التي تلقينا فيها رسائل تهنئة من اليونسكو لأنه كان منعدما في بلادنا. أحيانا كنت ألتقي بوزراء في العالم يعربون عن استعدادهم للتعاون مع موريتانيا في مجال البحث العلمي، لكن عندما يدخلون على الانترنت لا يجدون شيئا عن البحث العلمي في موريتانيا، فجودة التعليم في بلدنا التي نعمل على الرفع منها تتطلب أن يكون عندنا بحث علمي كما تتطلب أن يكون عندنا منتج متعدد اللغات، لصاحبه دراية بالمعلوماتية ومهارات العصر، قادر على مسايرة القرن الحادي والعشرين والانفتاح على العالم.المسار: ماذا فعلتم على مستوى التعليم الجامعي الحر؟الدكتور سيدي ولد سالم: بالنسبة للتعليم الجامعي الحر، عندما قدمت إلى الوزارة كانت هناك بعض الجامعات في المنازل، تجد المنزل مكتوب عليه أنه جامعة، فأوقفنا ذلك بالتشاور مع المعنيين، وأنشأنا دفتر التزامات، وقمنا بتنظيم مؤسسات التعليم العالي على ثلاثة أنواع: معهد يُكون ثلاث سنوات، مدرسة خمس سنوات، جامعة وفق نظام أل أم دي (الليصانص، ماستر، الدكتوراه)، وتساهلنا مع المعاهد والمدارس لأن هذا هو المستوى الذي يحتاجه مجتمعنا الذي هو بحاجة إلى أن تتنوع مجالات دراسته، بينما كنا أكثر تشديد على الجامعات، لأن الجامعات مشروع يجب أن يحظى بالاستثمار، أما الجامعات التي وجدنا أمامنا فتعاملنا معها بغية تنظيمها، واليوم فيه جامعتان حرتان معتمدتان: الجامعة اللبنانية وجامعة شنقيط التي تم بناؤها، وهناك جامعة ثالثة وهي جامعة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وهي جامعة قديمة، وقد حققت تقدما في مجال الاعتماد، ونحن نحاول أن نساعد الجامعات والمؤسسات القديمة على التطور، ونفرض توفر المؤسسات الجديدة على كافة الشروط.من ناحية أخرى أصبح هناك انضباط، فلم يعد ممكنا أن تسجل هذه المؤسسات من لا يتوفر على الباكلوريا كما كانوا يفعلون في السابق، كذلك لا بد أن يكون البرنامج الذي تدرس هذه المؤسسات معتمدا من قبل الوزارة إما بالاستناد الى المرجعية التي عندنا، وإما من خلال قياسه على برامج الدول المجاورة حتى يكون مستوفيا للشروط. باختصار هناك هندسة تربوية نقوم بها، وهذا كله لم يكون موجودا حتى أنشأناه، كما أنشأنا السلطة الموريتانية لضمان الجودة التي تعتمد على مرجعيتنا الوطنية وفق المعايير المعتمدة عالميا.أضف إلى ذلك التقييم أي الامتحانات. فالامتحانات في القطاع الخاص لا بد أن نكون مشاركين لهم فيها من خلال أساتذة تنتدبهم الوزارة لذلك، وهذا كله لم يكن موجودا.وهكذا حققنا تحسينات هائلة في هذه الجامعات بعد أن كادت الشهادات أن تصبح فوضى تمنح بعض الناس حقوقا لا تحل لهم وتهضم حقوق آخرين.المسار: ما هي الإشكاليات والتحديات التي واجهتكم أو تواجهكم؟الدكتور سيدي ولد سالم: من أهم الإشكاليات والتحديات التي تواجهنا اليوم القدرة الاستيعابية للمنظومة، وهذه تحتاج إلى ضبط ما يفد إلى التعليم العالي من التعليم الثانوي عن طريق وضع معايير للناجحين في الباكلوريا حتى يكون لدينا تحكم في المسار، لقد اشتغلنا منذ سنتين على مشروع جامعة جديدة، وقع الاختيار على أن تكون في تيجگجه، وقد أنجزنا في هذا الصدد بنيتها الأكاديمية التي كان من المقرر أن تكون فيها كلية لعلوم التربية، لأن منظومتنا التروبية تعاني جميعها من النقص في قدرات علوم التربية وهندسة التربية، كل الموظفين اليوم في الوزارة أساتذة أو معلمون، بينما إذا جئت المغرب أو مصر أو تونس تجد الخبراء في علم التربية هم أغلبية من يعملون في هذه الوزارات. الوزير قد يكون سياسيا وقد يكون غير ذلك لكن طاقم الوزارة الثابت يجب أن يكون متخصصا، بينما لدينا نحن لا تجد إلا المدرسين يقومون بكل شيء في الوزارة. هذا لا ينبغي. أين هو مخطط التهذيب؟ أين هو المستشار البيداغوجي؟ أين هو مسير المؤسسات؟ أين هو المربي الذي إذا وجد التلميذ مشكلة في نتائجه يقوم بدراسة أسبابها ومعرفة هل هي أسباب شخصية أو نفسية أو عائلية حتى يتسنى للوزارة إيجاد حلول لها. جميع هذه المهام اليوم غير موجودة في منظومتنا، ويجب أن نكون لها اختصاصيين فيها، ولا يمكننا ذلك إلا إذا كانت هناك هيكلة قابلة لاستيعاب هؤلاء إذا تخرجوا. هذا عمل بدأنا فيه التفكير.التحدي الثاني مواءمة خريجي التعليم العالي مع سوق العمل وهذه تتطلب دراسة سوق العمل، ما هي القطاعات القادرة على استيعاب أكبر عدد من الخريجين؟ ما هي الكفاءات والمهارات المطلوب توفرها فيهم لكي تنفذ المؤسسات تكوينا وبرامج تتطابق مع هذا الطلب؟هذه الأمور هي التي جعلتنا ندرس مشروع جامعة أخرى، وقد صممت هذه الجامعة على أن تكون قادرة على استقبال 10 آلاف طالب وتتضمن 4 كليات، وقد زودت بكل المميزات التي تجعلها ناجحة، وتمنحها الجاذبية حتى يكون طاقمها وطلابها راغبين في البقاء فيها، وقد اكتمل إنجاز الدراسة وحددت كلفتها بـ30 مليار، وننتظر تمويلها في القريب العاجل. وفي انتظار ذلك فإن سياستنا خلال السنوات القادمة هي توسيع قدرات كل مؤسسة من مؤسساتنا الحالية، ومن أهمها لالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بروصو من أكبر معاهدنا وأحسنها ومن أكثرها تكلفة لأنه يضم حيوانات ويضم إمكانيات ميكانيكية لكن عدد طلابه منخفض نحو 150 طالبا للسنة بسبب إشكالية السكن وبالتالي فهو يحتاج لزيادة سكنه كي يتمكن من استقبال عدد أكبر من الطلبة، ونحن الآن قيد دراسة مشروع يمكنه من الحصول على تمويل لزيادة قدراته.المسار: في مجال الانترنت ما الذي يعيق توفير الانترنت بأمان وكفاءة؟ وإلى أين وصل موضوع الجيل الرابع؟الدكتور سيدي ولد سالم: إذا نظرنا إلى المعايير والمؤشرات الحقيقية نجد أن الانترنت في تحسن من 2012 ، نحن من سنة 2000 عندنا الجيل الثاني ثم الجيل الثالث، وفي 2012 جاء الكابل البحري وتحسن الانترنت، اليوم لدينا سعة 600 جيغابايت على الكابل البحري نستخدم منها فقط 60، لكن مشكلتنا الأساسية أنها غير مؤمنة، فإذا وقع حادث تعطل كل شيء، بينما اليوم انترنت أصبح هو كل شيء فهو العمود الفقري للحياة تماما كالكهرباء، ولذلك الدول تعمل على تأمين الانترنت لديها، ونحن هنا منذ أحيل إلينا هذا القطاع قبل سنتين ونحن نعمل على تأمينه من خلال تأمين ربطنا بالشبكة العالمية، حيث وقعنا السنة الماضية اتفاقية مع مشروع لكابل سينزل في انواذيبو، وقد انتهى إنجاز نقطة توصيله قبالة انواذيبو، وقد وجدنا لهذا الخط تمويلا من البنك الأوروبي للاستثمار قدره 25 مليون يورو، ونعمل أيضا على كابل ثالث، يتعلق بمشروع لفيسبوك حول جميع إفريقيا، كما أننا سمحنا لموريتل بالقيام بربط بري للألياف البصرية بانواذيبو، وهناك أيضا كابل رابع يدعى غرب إفريقيا ينطلق المغرب إلى ساحل العاج سينزل بانواذيبو. إذن نحن من اليوم وإلى السنة المقبلة إن شاء الله تعالى نأمل في أن يكون لدينا 4 كابلات للحصول على تدفق آمن للانترنت، بحيث إذا تعطل أحدها لا تكون هناك أي مشكلة.هذا من جهة من جهة ثانية هذه الكابلات ستأتي بسعة علينا توزيعها في البلد، ونحن بلدنا شاسع مليون كلم مربع، فإذا كان عندك مقاول سيغطي كلا من موريتانيا والسينغال فإن موريتانيا ستكلف ضعف ما تكلفه السينغال خمس مرات، لأن السنغال أصغر من موريتانيا 5 مرات. وتوزيع الانترنت له طرق منها الهوائيات وجودتها محدودة، ومنها الألياف البصرية التي نعمل عليها حاليا، حيث انتهى للتو مشروع وارسيب الذي مكن من إنجاز 1650 كلم من الألياف البصرية وستحسن من الجودة.هناك أيضا انترنت الجيل الرابع وهذا تأخرنا فيه، بالنسبة لدول الجوار. ونحن نتقدم الآن بشأنه وسنحقق فيه إنجازات قريبا وذلك سيحسن من نوعية الانترنت عندنا.لكن ستظل هناك تحديات يجب فهمها: عالم الانترنت والخدمات الرقمية القادمة والمجتمع الرقمي القادم سيتطلب إدماج الجميع فيه، كما سيتطلب تحولا رقميا في الإدارات والتعامل معها، إذن لا بد من رقمنة القطاعات، وقد أعددنا دراسة حولها سيجلس لها المجلس الأعلى للرقمنة، وسيبدأ كل قطاع في رقمنة الخدمات التي يوفر، ولكن باحترام جملة من المعايير المتعارفة مسبقا لأن هذه القضية جامعة تتطلب احترام كل قطاع لثلاثة معايير أساسية: الأمن السيبراني لتجنب أي فخ أمني ، هيكلة المعلومات المبوبة، وتداخل محكم فيه بين معطيات القطاعات لكي يكون في إمكان مختلف القطاعات الاستفادة من معطيات أي قطاع دون إحداث أي خلل في المنظومة ككل.وطبعا لا بد من الارتباط بالعالم عن طريق التجارة الالكترونية التي تحتاج الى أن تكون بطاقات الدفع الالكتروني متوفرة لدى المواطنين، ومؤمنة حتى يقبل التاجر والبنوك والهيئات التعامل بها، وهذا يحتاج من جهة أخرى إلى أن تكون لدينا الكفاءات القادرة على تأمين وصيانة، وإنجاح هذه المنظومة، الشيء الذي يتطلب انخراط الجميع فيها لا مجرد الموظفين والطلاب، فالتطور القادم يجب أن يندمج فيه الجميع، لذلك نحن لدينا برنامج تكويني وتحسيسي، ستتبعه تكوينات قطاعية على مستوى كل بلدية. من المعلوم أن التطور في هذا المجال يتطلب بنية وقد قطعت الدولة في هذا المجال أشواطا، والآن نتجه إلى التأمين الرقمي عن قريب، وهو تأمين في غاية الأهمية، وسيجعلنا نفكر في طرق لتأمين المسابقات غير قطع النت فالأنترنت اذا قطع تتوقف أشياء كثيرة حتى الطيران، لذلك هذه الأمور مهمة جدا، لأنها هي ما سيطمئن المستثمر على أن بلدك متوازن ومضمون. إذن هذا القطاع بكل جوانبه لا يحتمل الارتجالية، ونحن نعمل عليه بجد واجتهاد لأننا مسؤولون عن توفير الانترنت لكل مواطن ومستثمر، كما أننا مسؤولون عن المهندس الذي يتخرج من مدارسنا إذا ارتكب خطأ في مهنته، وعن الطبيب إذا ارتكب خطأ في معالجته لمرضاه، مسؤولون مسؤولية أخلاقية ولو لم تكن مسؤولية جنائية. تعرف أن أجدادنا وآباءنا كانوا لكي يعطوا الإجازة في القرآن يحتاجون إلى أمور كثيرة ليست بسيطة، لأنهم يشعرون بأنها أمانة في أعناقهم إلى يوم الدين، وهذه حالنا بالضبط مع هذه الأمانة التي في أعناقنا.